شعرية التضاد فى ديوان رجل من غبار: لعاشور فنى

لقد جعلنا الاقتراب من ديوان "رجل من غبار" للشاعر الجزائري عاشور فني نكتشف بأن شعرية المفارقة، وبالتحديد مفارقة التضاد، قد مثلت خصوصية أسلوبية في هذا الديوان. إذ يمكن ملاحظتها على مستويات عديدة ابتداء بالعنوان، ووصولا إلى الأساليب والصور والرؤى الشعرية. وقد ساهمت مفارقة التضاد هنا في تكثيف بؤر الحزن التي تملأ المجموعة. وجعلت من هذا الديوان - بفضل عنصر السرد- يكون أشبه برواية شعرية عن جرح الإنسان المعاصر وهو يقاوم حدة الموت وهشاشة الحياة. وكأننا نخرج من الديوان بعدة مفاهيم تتصل بالإنسان والوطن والمنفى، بالحياة والنزيف والموت، وهي في أغلبها تؤكد بأن الكتابة الشعرية "تأسيس لذاكرة ضد النسيان والطمأنينة المريضة " 37 التي تجعل الإنسان يوهم نفسه بالخير على رغم وقوعه تحت وطأة كل أنواع الشرور المنتشرة في العالم. لهذا يمكن القول بأن هذا الديوان هو محاولة خلق عالم شعري خالص يستثمر كثيرا من خصوصيات الواقع الجزائري، والظروف التي مرت بها البلاد، ليحقق ملامح شعرية مختلفة تنطلق من جزائرية الإنسان لتصل إلى جزائرية النص.