ملامح التلطف في نهج البلاغة: الرسائل والوصايا انموذجا

تسعى هذه الدراسة إلى مد النظر في رسائل ووصايا الإمام علي (رضي الله عنه) التي وردت في نهج البلاغة كونه نصا عاليا في البلاغة والفصاحة، فهذا الجهد العلمي يحاول بيان آليات التلطف وتراكيب النص في رسائل ووصايا أمير المؤمنين(رضي الله عنه) في مخاطبة الأمراء وعماله على الولايات والأمصار وكذلك قادة الجيش، وفي الوعظ والإرشاد للمجتمع آنذاك، حيث بذلت الكتابة مساعيها لبيان هل هذه التعابير والأغراض والندرة الفنية في صياغة الكلام على أفانين شتى هي من ابتكارات الإمام علي (رضي الله عنه) نفسه في التفرد الإبداعي بلغة الخطاب أم توجد ملامحها في كلام العرب، وكذلك لإظهار الأغراض والنكات البلاغية الجديدة والأخرى المستخدمة في نهج البلاغة وأثرها في الوسط البلاغي واللغوي وانعكاس غايتها في إحداث التأثير على المتلقي مع لحاظ نقل الدلالة المرجوة في المعاملات مع المجتمع، كما ونحن اليوم إذ تحيا فينا الدراسة النصية فقد حاولنا إجراءها في نصوص نهج البلاغة، كما قامت هذه الدراسة بطريقة وصفية تحليلية وتوصلت إلى: إن واسطة التحليل والشرح والوصف هي الأقرب لكشف مفاصل النص، فقد توصلت الدراسة لشيء جديد من البلاغة في كلام الإمام لم يدرسه باحت من قبل والحصول على فكرة اتخاذ حسن التعبير في التلطف كأداة تعبيرية لسانية لغوية عند الإمام علي (رضي الله عنه) والطرق المستخدمة في تداولاتها (التلطف)، كما وضحت الدراسة الأشكال المختلفة للتلطف في رسائل ووصايا الإمام الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والبلاغية وبيان سبب الظروف الاجتماعية والفكرية والثقافية في عصر الإمام التي أدت إلى ظهور هذه الأشكال من التلطف في رسائله. وقد تبيين ما للإمام (رضي الله عنه) من قدرة على التعبير، والتصوير، والإيصال، والتواصل، والإتقان في الصياغة والإبداع في رسم الدلالات بأدوات فنية عالية الدقة والبراعة والروعة الصياغية في الخطاب، فقد كان لابد من القول إن لغة الإمام على بن أبي طالب (رضي الله عنه) في نهج البلاغة تمثل اللغة المثلى بعد النص القرآني.