البناء اللحني لغناء المدائح الرفاعية في العراق

يحتل الغناء أو الإنشاد الصوفي مساحة واسعة من الثقافة الصوتية للمجتمع العراقي، إذ يعد واحدا من أهم روافد الموسيقى الدينية الموروثة في هذا المجتمع، وفي مناسباته كافة ولعدة أغراض من مديح نبوي ورثاء والذي يغنى في تجمعات الذكر الخاصة بالتكايا للطرق الصوفية، وهذا البحث يسلط الضوء على واحدة منها وهي التكية الرفاعية الصوفية وعملية البناء اللحني للمدائح التي تنشد أو تغنى فيها. وقد تناول البحث في إطاره النظري موضوعين رئيسيين هما: (مفهوم التصوف وعلاقته بالفن، والمنشآت الصوفية)، إذ جرى التطرق في الأول لمفهوم التصوف وأهم مراحل ظهوره ومن ثم تبلوره، في حين تطرق الموضوع الثاني إلى الأماكن التي تؤدى فيها المدائح الصوفية، مع التركيز على التكيتين القادرية والرفاعية، لمكانتهما التأريخية في الثقافة الدينية بالعراق، فضلا عن كونهما من أهم الأماكن التي تؤدى فيهما المدائح الدينية في العراق التي لازالت تمارس طقوسها إلى الآن. كما درس البحث عينات اختيرت بطريقة عشوائية مثلت المجتمع المتمثل بالمدائح الرفاعية من خلال تحليلها بمعيار صمم لهذا الغرض، ليخلص إلى مجموعة من النتائج والاستنتاجات، أهمها أن غناء المدائح الرفاعية في العراق يتميز بتنوع سلالمه المقامية، ولاسيما الشائعة في الموسيقى والغناء العربي والعراقي، ذات الثلاثة أرباع الدرجة الصوتية، كونها تمثل الطابع الصوتي المميز للبيئة المحلية، كما يتميز بعدم الانتقال بين الأجناس الموسيقية في سلم المقام، إذ يتم التركيز على الجنس الأول بغية ترسيخ الفكرة اللحنية وتكرارها، وإعطاء الانطباع ذي الطابع الديني، والذي يختلف عن الدنيوي الذي يتميز بالانتقالات اللحنية المتنوعة ضمن إطار السلم أو السلالم القريبة منه، فضلا عن ذلك يتميز غناء المدائح الرفاعية بمحدودية استخدام نغمات الهياكل اللحنية إذ يقتصر على عدد محدود من نغمات السلم.