جدل الواقع والحلم فى شعر الشريف الرضى

يتداخل الحلم والواقع في بناء النص الإبداعي لدى الشريف الرضي، ويمتزجان في شعره تمازجا أضفى عليه جمالية خاصة، تجلت في امتداد الحلم وتفرعه في أغراض شعره وتوجيه الخطاب الشعري لديه. والبحث يدرس شعر الشريف الرضي في ضوء علاقته بالحلم والواقع من حيث إن الحلم هو تصور مستقبلي لواقعه، يقوم بناء على وجهة نظر مخالفة لما هو موجود.nلقد حاول الرضي تجاوز الواقع، وإعادة بنائه وفق رؤية حلمية، ليحقق أهدافا رسمها وفق ما صبا إليه بناء على ما وجد نفسه حقيقا به، ولكن الواقع خذله على سعيه الحثيث في شعره لرسم واقع جديد؛ فمدح ليسلك دربا ممهدة توصله إلى هدفه، وفخر ليقدم نفسه مؤهلا لذلك الهدف، ورثى فبكى آماله وخيبته، فرسم طيف الحبيبة تعميقا لمفهوم الحلم، فتشوق وحن، وفي شوقه وحنينه تتمظهر خيباته في تحقيق آماله التي سعى إليها، وجهد في تحقيقها.nكان الفن لدى الشريف الرضي رسالة ناطقة بصوت حقه المسلوب والقيم المغيبة، وأوجاع الذات في غربتها، وتمزقها بين الحاضر والماضي، فكان طموحه يطفو على السطح في أنات وآهات وزفرات، يرسلها بعد أن عادت يديه خالية الوفاض بادية الأنفاض مما أمل، فكسرت أحلامه بارتطامها بتعنت الواقع واستمراره على الوضع المرفوض، وهذا ما أدخله في غربة نفسية، يتلفت فيها إلى الماضي، ويأمل في العودة إليه بما يختزن في ذاكرته من نقاء وصفاء، ويلوذ به من مأسي حاضره، ليعيد التوازن إلى نفسه، وقد تجلى ذلك في قصائده بصور رمزية حينا وسافرة حينا أخر.nويهدف البحث إلى إبراز أثر نوازع النفس في توجيه القول الشعري، وأثر تفاعل عناصر الحلم والواقع في تشكيل بنى نصية، تقدم رؤية إبداعية في شعر الشريف الرضي.nوسنعتمد في بحثنا المنهج الفنـي لنبين تجليات جدل الواقع بـالحلم فـي البنى النصية لدى الشاعر، وانعكاسها عليه، ومن ثم تحوله من الحركة والتوثب إلى الركون إلى الطيف للتعويض عما فقده في واقعه، والانسحاب من الواقع إلى غربة واغتراب، تترنح فيهما الذات تحت سياط الواقع، فتكتوي بما تضمر، وتزدرد ألمها مرارة وحسرة.