الاستهلال من منظور الخطاب السردي في كتاب الأذكياء

لا شك أن الخبر من أقرب السرديات إلى الحكاية، وقد تناقل الناس الأخبار في أول عهدهم حتى صارت مؤنسهم وفاكهة مسامراتهم، حيث ولع العرب برواية الأخبار وتدوينها حتى وصل إلينا العديد من تلك المدونات الخبرية التي ما زال الكثير منها لم يدرس لحد الآن، وقد تنبه الباحثون العرب في العصر الحديث إلى هذا التراث السردي الهائل الذي تركه أسلافنا مدونا في ثنايا المجلدات الضخمة، على الرغم من أن أغلبها تعرض للضياع والفقد، ولعل التطور الذي وصلت إليه مناهج دراسة الأنواع السردية ونقدها والتي تمخض عنها علم قائم بنفسه وهو "علم السرد" أحد أسباب هذا الالتفات. يتشكل البناء السردي للخبر من عدة عناصر إحداها يكمل الآخر في مقدمتها الاستهلال الذي يسعى البحث إلى دراسته في إحدى مدونات الخبر العربي المنسوب إلى ابن الجوزي والموسوم بكتاب (الأذكياء)، نظرا للأهمية التي ينماز بها هذا العنصر السردي بعده عنصرا فعالا في بنية الخبر فهو ما يبتدأ به السرد وأول ما يطرق الأسماع. وقد تأسست هيكلة البحث على ثلاثة مطالب وقف الأول منها على مفهومي كل من الخبر والاستهلال كون البحث يرتكز على بيان (الاستهلال) من منظور سردي في كتاب (إخباري)، في حين عرف المطلب الثاني بالبناء العام للكتاب قيد الدراسة وبيان أبرز الخصائص السردية فيه، لينتهي بنا المطاف عند المطلب الثالث الذي أهتم بدراسة الاستهلال في هذا الكتاب دراسة تنسجم والخطاب السردي الحديث.